وأنا أتصفح احدى المواقع الأجتماعيه الشهيرة على شبكة الأنترنت اصطدمت بخبر وفاة الدكتور مصطفى محمود المفكر والعالم اوالكاتب والأديب , مصطفى محمود اللذى ولد عام 1921 فى محافظة المنوفيه , تخرج من كلية الطب ولكنه ترك الطب وتفرغ للبحث والكتابة , مصطفى محمود اللذى أتحفنا ووضع الكثير من لبنة عقولنا أن وجيل كامل تربى على برنامجه الشهير العلم والايمان البرنامج العلمى الأقوى والأشهر بل ويمككننى أن أقول الوحيد بلا منافس بين البرامج العربيه كافة , أتذكر أسرتى كاملة وهى تجلس أمام التلفاز يوم الأثنين من كل أسبوع فى حوالى الساعه التاسعه والنصف مساءا أمام شاشة القناة الأولى يملأهم الترقب والفرح والحماس لمشاهدة حلقة جديده من برنامج العلم والأيمان اللذى يقدمه الدكتور مصطفى محمود , من أول مقدمة البرنامج تأتيك مقطوعه الناى العبقريه اللتى تتناغم مع الصور المعروضه اللتى تعبر عن عظمة الله فى مخلوقاته وكم هذا الكون معقد , الناى مع الصور يصنعان مزيجا يجعل جسدك يقشعر ويجعلنى وأنا مازلت فى الثامنه من عمرى أجلس قريب من التلفاز قدر ما أستطيع أفتح عيناى بملأهما لكى لا أفوت أى مشهد عابر , ثم تأتى صورة الدكتور مصطفى محمود أمام خلفية زراقاء هادئه متأملا يتنحنح ثم يأتى صوته عميقا بدرجه لا تتخيلها أهلا بكم , ثم يمضى فى الحديث عن الجينات و الصفات الوراثيه والتطور والهرموناته ونشأة الكون والذره والكواكب والنجوم والغرائب الكونيه وعجائب الطبيعه وأحدث المكتشفات العلميه والأختراعات يتحدث عن التاريخ الأنسانى وعن السلوك البشرى عن الطب والهندسه عن كل شئ يحدثك عن كل هذا بنفس البساطه اللتى تحكى بها والدتك قصة عن جحا أو الأميره النائمه , يتحدث بأسلوب يمكن لأى كان من يشاهد ويستمع أن يفهم ويستمتع اذا كنت جاهلا أو تحمل من الدرجات العلميه ما تحمل , طفلا كنت أو ناضج فلا يمكنك الا أن تجلس لتشاهد وتسمع وأنت منبهر ومستمتع بما يشرحه ويحكيه وكيف يعلق على الأفلام التسجيليه بطريقه غير مسبوقه يضحكك أحيانا ويتركك مع كلماته لتتفكر فى الكو ن أحيانا , قدم تقريبا 400 حلقة من هذا البرنامج , البرنامج الوحيد اللذى ألتف حوله شعب مصر بأكمله بلا أستثناء , هذا البرنامج اللذى جعل الأسره كلها تلتف حول التلفاز لتشاهد برنامج علمى ليس أمام مسلسلا تليفزيونيا ممل أحداثه متوقعه ومع ذلك تم أيقاف البرنامج مع العلم انه كان من اللمكن أن يستمر لسنوات وسنوات , أوقفنا برنامج العلم والأيمان لنبث العشرات من البرامج اللتى بالتأكيد لا تحتوى على علم ولا ايمان , كتب مصطفى محمود فى كل شئ عن الدين والمجتمع والعلم والفلسفه والسياسه كتب أيضا قصص ومسرحيات وكتب فى أدب الرحلات , تناولت كتبه كل شئ وتطرقت لموضوعات شائكه لم يناقشها أحد قبله مثلما ناقشها , كانت كتاباته مصدر لجدل دائم , وصلت الى حد أتهامه بالألحاد ,ولكنه لم يكن يوما , وهو اللى كانت كتاباته هى بحث دائم عن الله فى الكون وفى النفس البشريه وفى كل شئ , ألف كتاب ( حوار مع صديق ملحد ) وهو الكتاب العبقرى اللذى أجاب فيه عن كل ما يشكك فى وجود الله وأيضا كتابه (رحلتى من الشك الى الأيمان ) , مصطفى محمود اللذى قضى حياته بأكملها فى البحث والتفكير ولم يكتفى فأنشأ مسجد و جمعية تقدم خدمات للمجتمع بما يتبعها من مراكز طبيه ومراكز علميه تحتوى على مراصد فلكيه ومتحف جولوجى , ورغم كل هذا تعرض مصطفى محمود لحالة من الجحود والأنكار تدعو فعلا للتعجب حتى أ صيب بجلطة فى العام 2003 جعلته ملازما لمنزله منعزلا , حتى أيامه الأخيره شهدت صراعا من أعضاء جمعيته مع أبنائه حول بعض مقتنيات الجمعيه اللمملوكه فى الأصل للدكتور مصطفى محمود , فى يوم 31 أكنوبر رحل الدكتور مصطفى محمود فى صمت , رحلت عقليه يمكن أن تغير فكر أجيال بكاملها رحل بدون أى تقدير من الدوله ربما سيتذكرونه بعد موته الأن كما هى عادتنا دائما تنرك العقول اللامعه بيننا تموت وهى على قيد الحياه وعندما تمت فعليا نبدأ فى كتابة شهادات التقدير ورصد الجوائز , دكتور مصطفى محمود واحد من ألاف العقول المصريه النابغه اللتى ضيعت عمدا ولم نستطع الأستفاده منها , عندما أنظر وأجد لدينا عقل مثل الدكتور فاروق الباز اللذى أستفاد العالم بأكمله من علمه عدا مصر والدول العربيه الأحق بهذا العلم هذا الرجل اللذى يحمل أفكار يمكنها ان تذهب بنا للا حدود , والدكتور أحمد زويل على نفس الشاكله رجل من الطراز الاول فى مجاله أراد ان تستفيد مصر من هذا العلم ولكن وكأننا نأبى أن نخطو للأمام لم نستغل الدكتور زويل فى أى مشروع مصرى ماعدا بعض الندوات اللتى تنظم على شرفه وتوجه فيها اليه أسئله مثل ما رأيك فى مسلسلات رمضان , وأخيرا تم وضع أسم أحمد زويل على قوائم الأشخاص اللذى من اللمكن أن يكونوا مرشحين لرئاسة الجمهورية فى الدورة المقبله , ما هذا الكلام اللذى لا طعم له رجل عالم بارز فى مجاله حاصل على جائزة نوبل نطلب منه أن يترشح لرئاسة الجمهوريه لماذا ألأنه حاص ل على نوبل لا أفهم حقيقة رجل كهذا اذا اردنا ان يفيدنا يكن هذا عن طريق أن ييفيدنا بعلمه وهذا مالم نفعله على الأساس وهوما أنتبهت اليه بعض الدول العربيه فبدأت فى التعاون معه , لا ان نطلب منه التر شح لرئاسة الجمهوريه , لن يمكننا أن نصل لأى تقدم حقيقى أذا كنا غير قادرين على حماية عقولنا والأستفاده منها , أن اسهل ما نقوم به هو تركها للغرب , ليساعدوهم على النهوض ببلادهم ثم لا نفعل شيئا غير التصفيق وأعطاء الأوسمه وشهادات التقدير هذا هوه ما نستحق نوبل فيه حقا التصفيق فقط , أين نحن من ألاف العقول المصريه فى أوروبا وأمريكا واللتى تحقق أنجازات غير مسبوقه فى مجالاتها , الى أن نتوقف عن أداء دور المتفرج , الى أن نتوقف عن التصفيق ونجلس لنفكر , لا يمكننا الا أن نبكى يوم بيوم رثاء للعقول اللتى سرقت واللتى رحلت وأن نطلب من الله أن يرحم العقول اللتى ماتت وهى مازالت تتنفس .
عجبني المقال والبلوج كمان ظريف جداً .. الله يرحمه
ردحذفشكرا ليكى , يا رب البلوج يكون عجبك بجد , الله يرحمه
ردحذف